إعلان

ATT SVP CLIC
banner image

ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية


المطلب الثاني: 

ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية



إن األصل في الوظيفة العمومية، قائم على العالقة القانونية األساسية التي تقوم على مبدأ ثبات واستمرارية الوظيفة، بمعنى أن عالقة الموظف بمنصبه تدوم بدوام حياته، مما يمنحه مجموعة من الضمانات.

غير أنه واستثناء أجاز المشرع المغربي لإلدارات اللجوء الى التعاقد كآلية أخرى للعمل داخل الوظيفة العمومية، وذلك لسد الخصاص الذي يعتري اإلدارة، عن طريق االستعانة باألعوان المتعاقدين، وهم أشخاص يتم تعيينهم في الوظيفة العمومية دون

ترسيمهم، مما يطرح إشكالية كبرى، وقبل الحديث عن هذه األخيرة سنتعرف على مفهوم الترسيم، )الفقرة األولى( ثم بعدها سنتطرق الى اشكالية ترسيم المتعاقد )الفقرة الثانية(.

الفقرة األولى: مفهوم الترسيم

 
ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية

ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية



إن المغرب لم يكن يتوفر قبل فرض الحماية الفرنسية سنة 9191 على إدارة متطورة حديثة، وال على أي نظام أساسي خاص بالوظيفة العمومية، وبالتالي كانت جل المفاهيم المعاصرة في المجال اإلداري غائبة بصفة مطلقة وال تحظى باالهتمام المتوخى، ومن بين هذه المفاهيم نجد الترسيم، والذي لم يحظى هو االخر الى يومنا هذا الى أي تعريف قانوني، بحيث إذا ما قمنا بالرجوع الى القانون األساسي للوظيفة العمومية52 نجد بأنه لم يتعرض لتعريف الترسيم وإنما أشار إليه فقط عند تعريفه للموظف العمومي باعتباره أحد العناصر األساسية المكونة لتعريف هذا األخير،53 وذلك من خالل الفصل الثاني من نفس القانون والذي ينص على أنه يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في احدى رتب السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة،54 وبالتالي يمكن تعريف المفهوم السالف الدكر حسب بعض الفقهاء، بأنه تلك الوضعية القارة التي يكتسبها الموظف بصفة نهائية بعد مدة معينة بموجبها يصبح الموظف رسميا في أسالك الوظيفة العمومية، بمعنى أنه ذلك اإلجراء الذي يضع الموظف في درجة من درجات تسلسل الموظفين، والذي ينتقل بموجبه الموظف المتدرب الذي انتهت مدة تدريبه، من وضعية مؤقتة الى وضعية نظامية جديدة ازاء االدارة التي من خاللها يتم تحديد موقع الموظف ضمن الهرم االداري، وكذا استفادته من جميع االمتيازات القانونية والمادية المترتبة عن إجراء الترسيم.


وما تؤكده عملية الترسيم هو أن الموظف العمومي أصبح يحتل وظيفية قارة وبصفة مستمرة، وهذا ما أدى بالمشرع المغربي إلدراج هذا العنصر المهم في تعريف الموظف العمومي كما سبق لنا أن بيناه أيضا.55


52ظهير شريف رقم 9-58-112 بتاريخ4 شعبان 15 ( 9711 فبراير 9142 يحتوي على القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ) الجريدة الرسمية عدد 1711 بتاريخ 19 رمضان 99 – 9711 أبريل 9142
35           رضوان بوجمعة، الوظيفة العمومية على درب التحديث مرجع سابق ص: 168
54الفصل الثاني من ظهير 15 فبراير 9142 المتعلق بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية

55باينه عبد القادر. الوسائل البشرية للنشاط اإلداري .منشورات الزاوية المطبعة األمنية، الرباط، شتنبر 1112 ص: 74


وبالتالي يبقى عنصر الترسيم مقرونا بالديمومة، اذ يبقى األشخاص الملتحقين بالوظيفة العمومية بصفة مؤقتة، ال يعتبرون موظفين عموميين، نظرا لعدم امكانيتهم من االستفادة من هذا العنصر المتمثل في الترسيم, ومن بين هؤالء، األعوان المتعاقدين والذين سيتم االشارة اليهم عند حديثنا عن اشكالية ترسيم المتعاقد ، اذ ما يهمنا في هذا العرض هم األعوان المتعاقدين الذين يخضعون لقانون الوظيفة العمومية، وليس المتعاقدين الذين يخضعون ألنظمة خاصة بهم كما هو الشأن بالنسبة النظام األساسي الخاص بأطر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.


الفقرة الثانية: إشكالية ترسيم المتعاقد


ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية



يعتبر العون المتعاقد شأنه شأن الموظف العمومي- وذلك للدور الذي يقوم به هذا األخير- كحلقة وصل بينه وبين اإلدارة والمواطنين، كما نجده يتمتع بحقوق كما يقوم بواجبات، وهو الشيء نفسه بالنسبة للعون المتعاقد56 بحيث نجد عدة نصوص تنظيمية قد أحاطت بهذه الحقوق، خاصة تلك المتعلقة بالحقوق المالية والتي تم تنظيمها من خالل المرسوم 1.94.111 الصادر في 1 غشت 571192 والمتعلق بتحديد شروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود باإلدارات العمومية.

وبالرجوع الى المادة 92 نجدها قد خولت للعون المتعاقد أجرة جزافية شهرية يتم تحديدها في العقد استنادا الى قرار رئيس الحكومة رقم 7.14.91 وذلك قصد تحديد مقادير األجور الجزافية الشهرية، وباإلضافة الى ذلك يستفيد العون المتعاقد من التعويضات العائلية، وجملة من االمتيازات اسوة بالموظف العمومي النظامي.

اال أن نقطة االختالف تكمن في ان الموظف العمومي يدخل في نطاق منظومة التوظيف المتسمة باالستقرار الوظيفي، وذلك بترسيمه في احدى اسالك الوظيفة العمومية.

أما بااللتفاتة الى العون المتعاقد، نجد بأنه كان وال زال يعاني من اشكالية عدم االستقرار الوظيفي والذي يسعى ورائه معظم المتعاقدين.

وإذا كان المنشور رقم 12 )رقم 1 غشت )9129 هو الذي يشكل األساس القانوني والذي بموجبه تم الترخيص لإلدارات العمومية باللجوء الى التوظيف بالتعاقد شريطة عدم توفر اإلدارة على أنظمة أساسية خاصة بموظفها، فإن ما يستشف من هذا الصدد، أن التشغيل بموجب عقود، استند على أسس هشة بحيث إذا ما قمنا بالرجوع الى المنشور السالف الذكر نجد على أنه لم يتضمن أي ضمانات للمتعاقد أو حتى ادنى إمكانية توحي الى ترسيمهم في أسالك الوظيفة العمومية ،وكان من الطبيعي والبديهي أن يؤدي ذلك إلى ضهور تطبيقات وممارسات من شأنها أن تخل بأخالقيات الوظيفة العمومية.


وبصدور منشور 11 غشت 9121 المعد بمثابة النظام األساسي لألعوان المؤقتين الذي أشار إلى النظام التعاقدي في الوظيفة العمومية، فهو يشكل طابعا انتقالي ومؤقت،58 وفي مقابل ذلك تم التنصيص عند االقتضاء على ترسيم األعوان المؤقتين عندما يتم استيفاء الشروط المطلوبة59

إال أن ما يالحظ من الترسيم المقرر بالمرسوم الملكي السالف الذكر، أنه لم يقم باإلحاطة بكافة الضمانات المخولة للموظفين العموميين، مما أدى إلى ظهور القانون 12.27
6             المتعلق بترسيم بعض أعوان اإلدارة في اسالك الوظيفة العمومية.


وقد شكل هذا القانون أساسا قانونيا لعملية ترسيم المتعاقدين المؤقتين، وكذلك كي ال يقع التماطل في تنفيد مقتضيات هذا القانون، بحيث تم فرض ترسيمهم قبل فترة ال تتعدى أربع سنوات61 وذلك بعد توفر الشروط المنصوص عليها في الفصل األول من نفس القانون،



والمتمثلة في توفيرهم على سبع سنوات من الخدمات العمومية المنجزة في اإلدارة المغربية منذ بلوغهم من العمر السنة الثامنة عشر.

وبعد التنصيص على هذه الشروط المجحفة ساد فراغ تشريعي في مجال التشغيل التعاقدي، إلى حين صدور القانون 14.41 والذي نص في مادته السادسة مكرر على أنه هناك امكانية لإلدارة العمومية أن تلجأ إلى التعاقد عند االقتضاء.


باإلضافة إلى ذلك، تم التنصيص في الفقرة الثانية من نفس المادة على أن التشغيل بموجب عقود ال ينتج عنه الترسيم في أطر االدارة نهائيا وذلك يتضح من عبارة «في أي حال من األحوال»، مما يفيد أن المشرع قد وضع حذا إلمكانية االنتقال من الوضعية التعاقدية إلى الوضعية النظامية، عن طريق ترسيم وإدماج المتعاقدين في الوظيفة العمومية. وبالتالي يبقى هذا القانون بمثابة توجه صريح نحو ما تسعى إليه الدولة في هذه المسألة والمتعلقة بترسيم المتعاقد ، كون نظام التعاقد سيساهم في تطوير المؤسسات واإلدارات العمومية وكذلك من شأنه أن يستقطب الكفاءات من قطاعات مختلفة وجعلها في خدمة المصلحة العامة 62 ولتفادي الدولة من المشاكل المتعلقة بعملية ترسيم المتعاقد أعلنت وبشكل صريح عن عدم إمكانية الترسيم في أسالك الوظيفة العمومية 63 مما يبين عدم تطبيق مبدأ المساواة وخلق نوع من عدم االرتياح مما سيؤثر سلبا على أداء المتعاقدين ، ولتجنب وقوع هذا األخير وجب ازالة الفوارق بين الموظفين المرسمين، والمتعاقدين ، وذلك تحقيقا للمصلحة العام وخلق نوع من التجانس والوحدة في التنظيم الوظيفي .

وختاما لقد حاولنا من خالل هذا البحث المتواضع معالجة موضوع الدارسة في حدود االشكالية المطروحة والمتعلقة بنظام التعاقد في االدارات العمومية بين مفهوم المصلحة العامة وإشكالية الترسيم، حيث تناولنا الموضوع من زاوية قانونية باعتبار التعاقد في االدارات العمومية شكل من اشكال التوظيف والذي تبناه المشرع المغربي تحت غطاء المصلحة العامة والمبررات القانونية واالجتماعية واالقتصادية وكل ذلك من اجل اصالح الوظيفة العمومية وتنويع التوظيف.


وقد سعى المشرع المغربي في إطار تدبير المرافق العمومية الدفع بالقطاع الخاص نحو دور أكبر في تدبير االدارات العمومية والتخلي تدريجيا عن القواعد التي كانت تحكم عالقة العنصر البشري لهذا النوع من المرافق.

غير ان تبني هذا النظام ال يخلو من عدة اشكاالت قانونية وتنظيمية مرتبطة اساسا بغموض مضامين النصوص القانونية المؤطرة وكذلك الخوف من تحول نظام التعاقد الى بديل قار للتوظيف تتخلى بموجبه الدولة عن نظام الوظيفة العمومية وما يشكل ذلك تأثير مباشر على حياة الموظف وما يتعلق باستقراره الوظيفي خاصة ما إذا علمنا ان المشرع نص صراحة كون هذا النظام ال يضمن الترسيم في اسالك الوظيفة العمومية.

مما يدفعنا الى التساؤل عن مدى توفر الحماية القانونية واالجتماعية للمتعاقد في عالقته باإلدارة العمومية المشغلة خصوصا فيما يرتبط بممارسة اإلدارة لسلطتها التأديبية؟




ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية ترسيم المتعاقد في إطار الوظيفة العمومية Reviewed by zagora plus+ on 04:59:00 Rating: 5

Aucun commentaire:

Fourni par Blogger.